رائعة جديدة للشاعر كريم العراقي - مهاجرون بلا حدود
متى الحقائب تنزل من أيادينا
وتستدلّ على نور ليالينا؟
متى الوجوه تلاقي مَن يعانقها
ممن تبقّى سليماً من أهالينا؟
متى المصابيح تضحك في شوارعنا
ونحضر العيد عيداً في أراضينا؟
متى يغادر داء الرعب صبيتنا
ومن التناحر ربّ الكون يشفينا؟
متى الوصول فقد ضلت مراكبنا
وقد صدئنا وما بانت مراسينا؟
ذبنا اشتياقاً لمن نهوى ولا خبر
يحيي القلوب ولا صبر يداوينا
تلك العواصف يا قبطان غامضة
من كل شر رياح الشر تأتينا
بالحزم والعزم والإيمان ندفعها
وبالشياطين والدخلاء ترمينا
كم مزق اليأس أشرعة الرجاء
بنا وما تزال مجاذيف أمانينا
كالمد والجزر تطوينا مشاعرنا
ليل الكوابيس يضحكنا ويبكينا
نقلّب العمر من يأس إلى أمل
وخنجر الغيض يقتلنا ويحيينا
ويغضب البحر مأخوذاً بمحنتنا
فهو الذي كان يشرب من شواطينا
ويعلم البحر أنّا مثله كرما
أنقى من الدر أهدينا معالينا
بدء الحضارات منبتها وبذرتها
لثورة العقل كم حرثت أيادينا
ويعلم البحر لولا غدر من غدروا
لما خرجنا شتاتاً من روابينا
إلى المجاهيل قادتنا كوارثنا
كيف الوصول وقد دفنت موانينا
وكم وصلنا لبرّ زادنا وجعاً
ماذا إلى أين شرطته تنادينا
تلك الجوازات، شر، ريبة، فزع
فإن أقمتم أقيموا ههنا حينا
وإن رحلتم فخير في الرحيل لنا
وهم الذين تربوا في بوادينا
حزن المنافي تأقلم في دواخلنا
حتى كأنّا ولدنا في منافينا
معذبون مدى التاريخ يا وطني
جف الفرات وما جفّت مآقينا
إنا نصلي وإن الله يسمعنا
مما سيأتي دعونا الله ينجينا
قل للمقادير إن جارت وإن فتكت
لكم نهضنا كباراً من مآسينا
عواصف الحقد ما سحقت كرامتنا
وعزت النفس تغلي نارها فينا
قل للبيوت التي كانت مسيجة
بالنخل والورد واللبلاب.. آتينا
ليسوا من الشعب من دفنوا مدارسه
وشوهوا الحب والإنسان والدينا
هل الخيام بديل عن منازلنا
هل في العراء ذئاب الليل تحمينا؟
فلا المقابر نابت عن حدائقنا
ولا القذائف أنستنا أغانينا