تسعد نفسك وتبتهج عندما ترى وردة متفتحة.. قد ملأ عبقها وشذاها المكان..
وتزداد نفسك نشوةً عندما تقترب منها وتشم ريحها بشهيق يملأ جوفك ..
وتسلهم عينيك انتعاشا من شذا عطرها..
وتُتمتم شفتيك بالثناء لخالقها بما أودع فيها من العبير العاطر وزاهي الألوان .
ويتسلل الى نفسك شعور أن هذه الوردة قد أروى عروقها شيء أحياها وبث فيها شذا العطروألوان الجمال..
وتخاف عليها ان يُهملها الساقي فتذبل بين يديه.. ويذهب بهاؤها وصفاؤها وشذا عطرها.. فتجف اوراقها وييبس عودها.. ثم تنكسر وتموت..
فكم من وردة ذابلة في بيوتنا..؟؟ لاترعاها يدٌ ولايحس بها أحد..
وهي قد عطشت عروقها وجفت روحها.. واحترق جوفها بصمت وسكون
إنهن فتيات في بيوتنا كالورود.. ترى في وجه إحداهن تفتح الورد وبهاء الزهور..
وقد فاحت أطيابها وروائحها الزاكية تملأ المكان.. تُسعد من حولها بابتسامتها وحلو كلامها..
ويخيل إليك انها من اسعد الناس.. وأنها "جوهرة" بين الالماس...
مع مافي عينيها من حيرة وحزن عميق.. قد أحاط بكل مشاعرها..
وترى ابتسامة تخفي خلفها همّا جاثما على صدرها.. قد كبّل فرحتها ووأد ابتهاجها..
بل تضم جحيما يستعر بين أضلاعه
كالشمعة يلتهب فتيلها ليحرق قلبها.. كي تضيء لمن حولها..
فهم ينعمون بنورها ووهجها.. ولا يشعرون بما تكتوي به من صلو النار ولفح العذاب..
ثم ماذا بعد..؟؟
ما إن تلامس وجدانها بلمسة حنان..
إلا وتبوح لك ببركان من الأحزان والآلام والآهات المردومة تحت حطام مشاعرها..
وقد انهمر دمعٌ على خديها طالما أروى وسادتها..
في سكون الليل وهجيع الأنام.. على حين غفلة من أهلها ...
قد تفطرت كبدها من البكاء.. واشتكى الصمت من نشيجها..
فلاتجد من يمسح دمعتها.. ولا من يسقي جفاف روحها..
ولا من يضم قلبها الصغير..ويحتويه بكل مافيه من الأحزان والآلام..
لاتجد حضنا دافئا ترمي به كل همومها...
إنها "أشواق" محطمة ومشاعرمبعثرة وآمال ممزقة..
كانت "جوهرة" تتلألأ.. فأصبحت خُردة يعلوها الصدأ..
زفرات من الألم والحزن والجراح.. اجتمعت بين جنبات وردة ذابلة...
تحتاج من يداوي جرحها.. ويخفف ألمها... ويبدد حزنها .. بقُبلة حب ولمسة حنان..
إنها وردة تُزهي ألوانها ويفوح عطرها بسُقيا الحنان والحب..
وتذبل وتموت عندما تُترك لساقي الوحدة والوحشة والبُعد..
فأدركوها قبل أن تموت..
شجون قلب.. وأحرف قلم.. ابثها واسطرها..
لكل أب وأم عنده من هذه الورود الذابلة...
أن يرعاها بدفء أحضانه.. ويسقيها بحنان قلبه ووجدانه..
ويحوطها بقربه وعطفه..
ورودنا تحتاج من يضمها الى صدره ويغمرها بالأمان والحنان...
تحتاج من يمسح دمعتها... تحتاج أن تحس بقربك وحبك وعطفك..
ورودنا تحتاج من يشم ريحها ويستنشق شذا عطرها..
تحتاج من يداعب شعرها بأنامله.. ويبهج قلبها بابتسامته...
تحتاج من يسمع همسها وأنينها...تحتاج قلبا يحوطها بكل مشاعره...
حتى لا تذبل وتموت
وإن لم يكن ذلك..؟؟؟
فستجد من يسقيها زيف الحب والحنان..
لتصبح رهينة في يده.. حتى إذا أسرضعفها وقلبها..
خدش عفتها وطهارتها.. ومزّق فؤادها وجنانها..
وأوقد في قلبها حُرقة..وفي فكرها شتاتاً وحيرة...
فلا تجد خلاصا.. الا ان تُزهق نفسها لترتاح من دناءة دنياها...
فوالله.. لولا الله وايمان بالله وخوف من الله ...
لرأيت ازهاقا للأنفس والارواح... مما تعيشه تلك الورود من الهم والحزن والألم والضيق الذي ملأ قلبها وجنانها...
يوم فقدت الحنان والحب والأمل..
فأدركوها قبل أن تموت
الكاتب / أ.خالد الوهيبي
للأمانة / منقول لروعته